الجمعة، 30 مايو 2014

فلنكمل المشوار - د. أمين حافظ السعدني

-  لا توجد ثورة فى التاريخ لم تتبعها إجراءات تطهير استثنائية ، مصر تحتضر بين أيدينا وعلى مرأى من أعيننا ومسمع من آذاننا ، وهناك ألف دواء ودواء لعلاجها واستفاقتها من هذه الغيبوبة السياسية ، فهى أغلى وأبقى من كل التيارات والفصائل الموجودة على الساحة ، حكاما ومحكومين ، سلطة ومعارضة ، أحزايا وأفرادا ومنظمات
، فكلهم مخطئون وانتهازيون وأفاقون ، ومتاجرون بشرف البلد وتاريخها وكرامتها بين كل شعوب الأرض ، ولاهثون وراء زعامات وهمية وكاريزمات اصطناعية ، كلهم لايعانون مذلة الحصول على لقمة العيش أو لتر الوقود ، ولا يشعرون بالعاطل والجوعان ومن يعيش رزق يوم بيوم ، من العمال والحرفيين وأصحاب الصنعة ، الذى إذا وجد أحدهم وجبة غدائه ، فعشاؤه فى رحم الغيب ، كلهم يرتدون أغلى الحلل وأفخرها ، وينتقلون بأفخم السيارات وأفرهها ، فى مواكب باذخة واستفزازية ، لا تراعى مشاعر وأحاسيس من يقاسمون القطط والكلاب كسرات الخبز فى صناديق القمامة ، كلهم لم يقفوا فى طابور التأمين الصحى لصرف أرخص أنواع الدواء لأشرس أنواع المرض ، فى بلد أنهكها الفقر وحمل شبابها على أجنحة المهانة ، كلهم يعيشون أحلام القيادة وأدوار الوصاية وأوهام الزعامة ، وينحدثون لغة فوقية لا يفهمها الجوعى ولا العرايا ولا العاطلون من ساكنى العشوائيات والمقابر ، كلهم إقصائيون وانتقاميون ، ولا يفهمون الديمقراطية إلا بما يوافق هواهم ويتفق مع رؤاهم  وأيديولوجياتهم ، كلهم لا يعلمون أن دخولهم التاريخ سيكون من المنور .... فلا مناص إذن من لزومية التطهير وحتميته ، التى يمليها هذا الواقع القبيح وتلك الرؤية  الغائمة وهذا المناخ المسمم بانعدام الصواب وعسر اليقين ، وإذا كان من الصعب تحديد من يجب تطهيره والقذف به فى مستنقع التاريخ ؛ فلا شك  أن روح الشعب هى المنوط بها مهمة التطهير ، وبأقصى سرعة ممكنة ؛ حتى يتسنى لثورتنا أن تسجل فى الكتب  كثورة أحرار ، لا كانتفاضة أشرار ، تلعب قديم الأدوار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق